يعرب التحالف للتعويضات العادلة(C4JR) – وهو تحالف يضم 32 منظمة عراقية غير حكومية تدعو إلى تعويض شامل للضحايا المدنيين للجرائم الوحشية التي ارتُكبت خلال نزاع داعش/تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام – عن قلقه العميق إزاء التقارير الأخيرة التي تشير إلى احتمال شمول بعض الأفراد المدانين بتورطهم في مجزرة سبايكر ضمن إطار قانون العفو العام في العراق.
فقد أظهرت وثيقة صادرة عن وزارة العدل، تم تداولها مؤخرًا في وسائل الإعلام، قائمةً تضم عشرة سجناء في سجن الناصرية المركزي، جرى ترشيحهم للنقل إلى مديرية شرطة محافظة صلاح الدين بموجب قانون العفو العام.غير أن أحكام هذا القانون تستثني صراحةً الأشخاص المدانين بموجب قانون مكافحة الإرهاب رقم (13) لسنة 2005 عن جرائم أدت إلى الوفاة أو العجز الدائم، وكذلك أولئك الذين أُدينوا بارتكاب جرائم إرهابية أخرى. كما أكّد المركز الوطني للتعاون القضائي الدولي سابقًا أن قانون العفو العام لا يشمل مرتكبي الجرائم الجماعية.
يُجدّد التحالف للتعويضات العادلة(C4JR) تضامنه الكامل مع منظمة ذوي ضحايا العراق في سبايكر 1700، ويُعبّر عن دعمه الكامل لعائلات ضحايا مجزرة سبايكر. كما تجدر الإشارة الى أن هذا التطور ادى الى حالة من القلق العميق بين الناجين من مجتمعات أخرى متضررة – كالأيزيديين والتركمان والشبك والمسيحيين وغيرهم – الذين عانوا من فظائع لا يمكن تصورها على أيدي تنظيم داعش. ويُثير هذا التطور أيضًا تساؤلات قانونية خطيرة بشأن بمدى التزام السلطات العراقية بالقوانين الوطنية، إذ إن المادة (5) من قانون سبايكر رقم (12) لسنة 2019، والمادة (9) من قانون الناجيات الأيزيديات رقم (8) لسنة 2021، تنصّان بوضوح على عدم جواز العفو أو الشمول بأي عفو عام عن كل من اتُّهم أو أُدين بارتكاب الجرائم المنصوص عليها في هذين القانونين، بما في ذلك جرائم العنف الجنسي المرتكبة ضد النساء والفتيات من الأيزيديين والتركمان والشبك والمسيحيين أثناء أسرهن بعد 3 آب 2014، وجريمة قتل طلاب الكلية العسكرية العُزّل في معسكر سبايكر بالقرب من تكريت في حزيران 2014.
وتبقى إحدى الإشكاليات المستمرة في النظام القضائي العراقي هي غياب التمييز خلال محاكمة المنتمين إلى تنظيم داعش، حيث جرى محاكمة جميع المتهمين بموجب قانون مكافحة الإرهاب فقط، وغالبًا ما وُجّهت إليهم تهمة الإنتماء للتنظيم دون التفرقة بين درجة الجُرم أو خطورة الفعل المرتكب. وقد أدى هذا النقص إلى صعوبة تحديد مرتكبي الجرائم الأشد خطورة ومساءلتهم، مما يفتح الباب أمام الإفلات من العقاب عبر تطبيق تدابير عفو عامة واسعة النطاق.
إن التحالف للتعويضات العادلة يُقرّ بأن إجراءات العفو قد تُسهم في بعض السياقات، في تحقيق المصالحة، إلا أن المصالحة لا يمكن أن تأتي على حساب العدالة. فالسماح لمرتكبي الجرائم الجماعية بالإستفادة من العفو سيُقوّض التزامات العراق القانونية، ويُضعف ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة، ويُفقد قيمه الجهود الطويلة الرامية إلى الاعتراف بمعاناة الضحايا والناجين.
ولكي تؤدي تدابير العفو دورها الحقيقي في تعزيز الاستقرار والمصالحة، يجب أن تُصمَّم وتُنفَّذ بأقصى درجات الحذر، من خلال مشاورات شفافة مع المجتمعات المتضررة، ووضع ضمانات قانونية واضحة، وضمان محاكمات عادلة تستوفي المعايير الدولية لجرائم مثل الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وعليه، يدعو تحالف للتعويضات العادلة الحكومة العراقية والسلطة القضائية إلى ما يلي:
1. مراجعة الحالات المدرجة فورًا لضمان التزامها بالتشريعات الوطنية النافذة؛
2. ضمان عدم استفادة أي شخص مسؤول عن ارتكاب جرائم الفظائع الجماعية من أي عفو عام؛
3. ضمان المساءلة عن الجرائم الدولية التي ارتكبها تنظيم داعش من خلال محاكمات عادلة وشفافة ومرتكزة على الناجين، تُجرى بما يتوافق كليًا مع الحظر المطلق وغير القابل للانتقاص للتعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، تمهيدًا لأن يتمكن الناجون وأُسر الضحايا من معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة المنشودة.
