بغاد ١\٣\٢٠٢٢ – في مثل هذا اليوم و بتاريخ، ١/ ٣/ ٢٠٢١، من السنة الماضية أقر مجلس النواب العراقي قانون الناجيات الأيزيديات. كان إقرار هذا القانون إنجازاً مهماً في مرحلة التعافي بعد النزاع في العراق، حيث وعد القانون بتقديم خدمات إغاثة طال إنتظارها ليس فقط للناجيات الأيزيديات، بل للناجين والناجيات من الأقليات العرقية والدينية الأخرى الذين تمّ إستهدافهم من قبل تنظيم داعش الإرهابي. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر هذا القانون الرائد أحد الأمثلة الفريدة من نوعها للدول التي قامت باتخاذ الإجراءات الطوعية والمتعمدة للعمل على حقوق واحتياجات الناجين والناجيات من العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات.
التحالف للتعويضات العادلة هو إئتلاف لمنظماتٍ غير حكومية عراقية يدعو إلى تعويضٍ شاملٍ لكل الناجين والناجيات من النزاع مع تنظيم داعش الارهابي في العراق. وقد شاركوا في الدعوة إلى اقرار هذا التشريع المهم جداً.و بالعموم، ان أي قانون جيد تقاس جودته بجودة تنفيذه. لقد تمّ إتّخاذ بعض الخطوات لتنفيذ قانون الناجيات الأيزيديات منها تعيين المدير العام لمديرية شؤون الناجيات (وهي مؤسسة خاصة لتسهيل تنفيذ هذا القانون)، و كذلك إفتتاح مكتب في الموصل لهذه المديرية. و بالرغم من وضع تعليمات تنفيذ هذا القانون، ولكن ذلك يتطلّب مجهوداً كبيرا للتأكد من فعّالية العملية و سهولتها و مصداقيّتها، و التأكد من إدماج حلول ودية للناجين و الناجيات كما تمّ إقتراحها من قبل التحالف للتعويضات العادلة مسبقاً.
نحن الآن بصدد الدخول في مرحلة حرجة حيث يجب وضع القواعد الأساسية للتنفيذ الفعّالٍ للقانون وعلى نهج متمحور حول الناجين و الناجيات الأيزيديات. و لنجاح هذه الجهود، علينا البناء على إنجازات المديرية التي وصلوا إليها ليومنا هذا، حيث أن القيام بتغييرات جذرية قد تؤدي الى تأخير أو عكس عملية التنفيذ. و يجب أن يُسمح للمديرية بإختيار كوادر كفوءة وتعيينها على الملاك الدائم وذلك ليس فقط من أجل تأمين الخبرة اللازمة للإيفاء بالوعود التي نصّ القانون عليها، بل للتأكد من التمثيل الملائم للمجتمعات المتضررة من الاعمال الارهابية التي خلفها تنظيم داعش. ويمكن أن يكون هذا بحدِ ذاته نوعاً من أنواع التعويض و مثالاً للمؤسسات الحكومية الأخرى.
نحن نؤكّد مرةً أخرى على أنّ عملية تقديم الدعاوي والبت بها وايضا تقديم تدابير تعويض وجبر ملموسة سيُحدد النجاح العام لقانون الناجيات الأيزيديات. ولذلك يجب أن يكون النهج المتمحور حول الناجين والناجيات في قلب وواجهة كل جهد مبذول لتنفيذ هذا القانون. و عليه يستلزم النهج المتمحور حول الناجين و الناجيات الأيزيديات: إستشارات مستمرة مع الناجين والناجيات و لكافة الفئات الأربعة من المجتمعات المتضررة خلال كافة مراحل عملية التنفيذ؛ تأسيس فروع للمديرية على مسافات قريبة من الناجين والناجيات؛ تعيين كوادر للمديرية من المجتمعات المتأثرة بالنزاع للتأكد من توفر دعم واعي و مراعي لثقافة هذه المجتمعات؛ التدريب الإلزامي للمؤسسات التنفيذية و كوادرها بخصوص أخلاقيات التعامل مع الناجين والناجيات من الصدمات النفسية منها الإدراك والفهم الأساسي للصدمات النفسية، الدراية بمتطلبات ووجوب السرية والسعي لاستحصال الموافقة المسبقة، وإتّباع مبدأ عدم التسبب بالأذى؛ تبنّي واعتماد مدونة سلوك تنطبق على كل الكوادر العاملة على تنفيذ قانون الناجيات الأيزيديات؛ توفير معلومات و ارشادات كافية للناجين والناجيات حول طرق التقديم و المراجعةفي كل الأوقات؛ وضع سياسات الحماية ونشر الوعي لتفادي إعادة تعريض الناجين والناجيات للصدمات النفسية ووصمات العار اثناء مراحل المراجعة و التقديم للحصول على الخدمات، ووضع آلية فعالة لتقديم الشكاوى لتسهيل تسجيل الشكاوى بصورة سرية إذا حدثت أي خروقات؛ تأكيد على حرية الناجين والناجيات الماثلين أمام لجنة المقابلة بمرافقة شخص من إختيارهم؛ و تبنّي مقاييس إثباتات مرنة للمصادقة على الشكاوى من أجل حماية الناجين والناجيات من أشكال التحقيق المتطفلة و تفادي وضع الأعباء الإدارية و المالية الغير لازمة على عاتقهم.
أن الجهود المبذولة لصياغة إجراءات التوعية و تقديم الطلبات والمصادقة عليها جارية بالفعل بلاضافة للتمويل الطارىء الذي تم تخصيصه في العام الماضي لاستحداث المديرية ، و لكن هذا ليس كافيا ويبقى من المهم جداً توفير تخصيص مالي شامل ومستديم لتنفيذ بنود القانون بكل حذافيره.
لذلك يجب توفير التخصيص المالي المناسب ضمن الموازنة الإتحادية العراقية لعام ٢٠٢٢. للسماح بالعمل على هذا القانون وتوفير الموارد والموظفين المناسبين لمديرية شؤون الناجين والمكاتب الفرعية وايصال التعويضات التي اقرها القانون و منها الرواتب الشهرية و الإسكان و التوظيف في القطاع العام والرعاية الصحية والدعم النفسي و التعليم. لقد تم إحراز تقدّماً كبيرا وبلا شك من خلال إقرار قانون الناجيات الأيزيديات، و لكن بدون الجهد المستمر والمتابعة سيبقى هذا القانون حبرا على الورق ولن نتمكن من العمل على تعويض الضرر للناجين والناجيات والذين هم بأمّس الحاجة له، حيث معظمهم مازالوا في مخيّمات النازحين أو يعيشون تحت خط الفقر أو يعانون من الصدمات النفسية دون الامكانية على الحصول على الخدمات أو دون أن يُدرك أحد معاناتهم.
دعونا ان لا ننسى ان تأخير فعالية القانون وتنفيذه هو تاخير في الحد من معاناة الناجين والناجيات و عوائلهم و المجتمعات المتضررة. لذلك على السلطات في العراق أن تُجدد التزامها بخصوص دعم الناجين من الآثار التي خلفها تنظيم داعش الإرهابي. هذا والاستمرار بتقديمهم نموذجاً للعالم من خلال التأكيد على تنفيذ نصوص القانون.
في عام 2021 لقد أظهر صناع القرار في العراق في قيادة و شجاعة كبيرين من خلال تشريع قانون الناجيات الأيزيديات. في هذا العام 2022، يجب عليهم بث الروح فيه من خلال التأكد من وجود المصادر وذلك من أجل إصلاح الضرر الذي لحق بالناجين والناجيات من جرائم تنظيم داعش الارهابي في العراق.